باسم الله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونعود بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، فكشف الله به الغمة، الله اجزهي عنّا بخير ما جزيت نبي عن أمته
أما بعد...
أختي في الله أهدي لك كلام من القلب إلى القلب، فأرجوا منك قراءته بعين العقل القلب
أختاه
أيتها الطاهرة النقية، التي نبتت في حقل الإسلام وسقيت بماء الوحي فكانت زهرة من صنف الريحان، يجب أن نحفظها بل ونحافظ عليها في كل وقت وحين لكي ينعم بالحب والأمان...
إنني أخاطب ضميرك الحي وفطرتك النقية، فأقرئي تلك الكلمات بعين قلبك، وتحرري من قيود النفس والهوى واجعلي تلك اللحظات بمثابة وقفة مع النفس لعلك تكونين بعدها من سكان الفردوس
اعلمي أن طريق الجنة سهل ميسور ولكن مهرها غال وثمنها بيدك ألا وهو طاعتك لله عز وجل
اعلمى أيتها الأخت الغالية أن الاسلام يهدف في المقام الأول الي اقامة مجتمع طاهر نظيف لا تثار فيه الشهوات ولا تستثار فيه دوافع الرغبة في كل حين.. ولذا حرم الاسلام التبرج وفرض الحجاب على كل مسلمة تؤمن بالله جل جلاله
والاسلام ما فرض هده الضوابط على المرأة المسلمة في ملبسها وزينتها إلا لصيانتها وحمايتها من عبث العابثين ومجون الماجين وإلا لتكون المرأة المسلمة كالذرة المصونة وكاللؤلؤة المكنونة التي لا تصل إليها الأيادي الأثمة
لقد فرض الاسلام عليك الحجاب لا لأنك شيء مستقدر يستر ولكن لأنك جوهرة يجب أن تصان عن الأعين فانه كلما ازدادت القيمة ازدادت الحاجة لسترها وحفظها فكلما استترت المسلمة كلما ازدادت غلاوة وقيمة
ولذلك وصف الله الحور العين في الجنة بقوله: {حور مقصورات في الخيام..} وقال صلي الله عليه وسلم: (ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) رواه الترمدي بسند صحيح، "الحور العين" يا له من شرف
أختاه
ويحضرني الآن سؤال أهمس به إليك: هل تحبين الله ورسوله صلي الله عليه وسلم؟؟؟
إذا، لماذا تخالفين أمر الله تعالي وتخافين من الحجاب والعفة؟
إن جمالك مستور في الدنيا لزوجك المؤمن وفي الآخرة يعطيك الله أضعاف أضعاف جمالك في الدنيا في تلك الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أدن سمعت ولا خطر على قلب بشر
أختاه
يا من تريدين التوبة والعودة إلى الله، تأملي قوله عز وجل: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الدنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} سورة الزمر الأية 53
إنني في البداية أسوق إليك تلك القصة لتكون حاديا لك إلى التوبة والعودة إلى الله[خرجت الأخت هدى من بيتها وليس لها هم سوى أن يجعلها الله سببا لهداية من حولها وفجأة وجدت فتاة تلبس (...) فأشفقت عليها من النار فتقدمت وقالت لها بكل عطف إنني أستأدنك أن تأتي معي إلى الجنة، فتعجبت الفتاة وقالت وأين هي الجنة؟ قالت في بيت من بيوت الله فاستجابت لها الفتاة ودخلت معها المسجد فوجدت أن الكل ينظر إليها نظرة عجيبة فأشفقت عليها هدى وأسرعت إلى خارج المسجد واشترت لها حجابا وقالت لها إلبسي هذا الحجاب حتى لا ينظر إليك أحد وبعد المحاظرة انزعيه إن شئت، فقامت الفتاة وارتدت الحخاب لأول مرة بل وأزالت المساحيق من على وجهها وتوضأت لأول مرة وصلت المغرب واستمعت إلى الدرس وكان عن وصف الجنة والنار، ثم صلت العشاء ولما حان وقت الانصراف قالت لها هدى الآن تستطيعين أن تنزعي الحجاب إن شئت، فقالت لها الفتاة والله لقد دقت حلاوة الإيمان فلن أخلع الحجاب أبدا ولن أترك الصلاة بل سأكون داعية إلى الله وسأجعل حياتي وقفا لله عز وجل...
وما هي إلا لحظات حتى خرجت من المسجد فصدمتها سيارة فماتت وسالت الدماء الشريفة التي تحركت لدين الله واحترقت شوقا بعد أن كانت منذ ساعة واحدة ممن قال فيهن رسول الله صلي الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما -ودكر منهما- ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدنا ريحها) رواه مسلم في سند صحيح]
نعم أيتها الأخت المسلمة إنما أنت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك... بل أنت كالمسافر إلى الله ولا بد للمسافر من يوم يصل فيه، إنه اليوم الذي تقفين فيه بين يدي الحق جل جلاله فيسألك عن كل صغيرة وكبيرة.. ويا له من موقف يجعل الولدان شيبا
أختاه
ألست مسلمة؟ ألا تريدين الجنة؟ إذا فاستمعي إلى قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} سورة الأنفال الأية 24
إنها دعوة لحياة القلب والعرض والدين والحياء.. فمن استجابت لتلك الدعوة فسوف تنضم للقافلة المباركة التي شرفها الله بهذا الخطاب فقال: {يا أيها النبي قل لأزواحك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤدين وكان الله غفورا رحيما} سورة الأحزاب الأية 59
ويا له من شرف عظيم أن تنضمي يا أختاه لتلك القافلة المباركة التي على رأسها أزواج النبي صلي الله عليه وسلم وبناته
أختاه
لقد اختار الله لك تلك القافلة لتدخلوا الجنة سويا فهل رضيت باختيار الرحيم الرحمان الذي يخاطبك بقوله: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} الأحزاب الأية 36
أم أنك ترفضين أمر الخالق جل جلاله؟ إنه سؤال يحتاج منك إلى وقفة مع النفس... وإنني والله لا أظن أبدا أن هناك مسلمة ترفض الجنة والرحمة والرضوان وتسير طوعا وراء خطوات الشيطان
أختاه
إن شرع الله يجعلك كريمة مصونة محفوظة وأنت ابنة وكذلك وأنت زوجة ثم يجعل الجنة تحت قدميك وأنت أم ثم يجعلك أمّا لتلك الأمة المسلمة... فأنت صانعة الأجيال ومربية الرجال
أختاه
أيتها الطاهرة، يا بنت خديجة وعائشة وأسماء وصفية... يا بنت الاسلام ألا تعلمين أن أعداء الاسلام لا يحاربون الاسلام إلا من خلالك؟ أترضين أن تكوني معولا يهدم به الاسلام بدلا من أن تكوني لبنة طيبة مباركة في جداره؟
يا من كنت بالأمس تحملين هم الاسلام فأصبحت اليوم همّا وحملا ثقيلا على الاسلام، انهضي واحملي راية الاسلام خفاقة عالية وأنفضي غبار الغفلة وتجملي بحجابك وحيائك واعلمي قدر الاسلام في قلبك واعلمي قدر نفسك في ظل الاسلام
أختاه
لقد قال أحدهم موضحا عداءه وكيده للاسلام: "كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية ما لا تفعله المدافع والصواريخ" فاحذري أختاه أن تكوني ممن يحاربون الله ورسوله واحذري أن تكوني ممن يسعون لهدم الحياء والدين في الأمة المباركة
وأخيرا أهمس وأقول لك: أختاه أما اشتاقت نفسك الى جنة الرحمان؟؟؟
ها أنا أدعوك إلى الجنة فتأملي معي قول النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (إن من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم) رواه الطبراني وصححه الألباني، فيا له من أجر عظيم لمن تمسّكت بدينها وحيائها وحجابها
أختاه
كانت هذه كلمات صافية منبعثة من قلب محب في الله، أهديها إلى أختي المسلمة الغالية واعلمي أنه لا راحة للقلب إلا في رضا الله وفي طاعة الله ولذلك أهدي إليك قوله تعالى: {ففروا الى الله} سورة الدريات الأية 50
فهيا نرضي ربنا ونفر إليه، وهيا بنا نؤمن ساعة لعلها تكون آخر ساعة وبعدها نلقى النبي صلى الله عليه وسلم على الحوض ونعيش معه في جنة الرحمـن وننظر إلى وجه الكريم المنان
[b]منقول من كتيب وقفة مع النفس لفضيلة الشيخ "محمود المصري" أعزه الله وأعز به هذه الأمة
{وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين}
{وذكّر فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين}